منذ استقلال لبنان وظهور الكيان الصهيوني في نهاية الأربعينات من القرن الماضي كان رجل الدين الإمام الشيعي "موسى الصدر" أول من باشر تأسيس خلايا المقاومة لحماية حدود لبنان مع الكيان الصهيوني الذي ما انفك نتيجة لدوره المناط به في المنطقة كثكنة للمشروع الإستعماري تعمل على استمرار القهر والسيطرة على مصالح الشعوب العربية ومقدراتها والتي لم يكن لبنان خارجها، بل كان نتيجة لقربه من الكيان الصهيوني جزءاً من الدائرة الأكثر تضررا من ممارساته وانتهاكاته واعتداءاته الغير منقطعة وحقلا هاما لتجاربه العسكرية والإستخباراتية، هذه الأمور التي أدركها جيدا ومنذ البداية الإمام الصدر فأعطته تمايزا على الساحة اللبنانية الداخلية، حيث برز دوره على مسرح الأحداث ببثه روح العداء لإسرائيل بين جمهور اللبنانيين وخاصة الطائفة الشيعية، مناديا بإزالتها، وتحريم التعامل معها، ورفض وجودها على أساس أنها « شر مطلق ».
ولاقت أفكاره صداً كبيراً بين جمهور الشيعة في الجنوب ساعده في ذلك الواقع السياسي الطائفي الداخلي في لبنان الذي فرض الولاءات على أساس الدين والمذهب والطائفة، إضافة إلى أن سكان الجنوب هم الأكثر تضرراً من غيرهم في لبنان من الكيان الصهيوني لوقوعهم على خط المواجهة، الأمر الذي مكنه من تأسيس « المجلس الإسلامي الشيعي » في لبنان لرعاية طائفته، ليشكل فيما بعد حركة « أمل ».
نمت حركة « أمل » نموا كبيرا تحت زعامة الصدر الذي جعل من الفعل المقاوم إستراتيجية وأساسا في صلب عمل هذه الحركة، وأخذ يدرب المجموعات العسكري واتخذ من الجنوب لموقعه المتاخم لفلسطين المحتلة مرتكزا له ولمواقعه العسكرية، وأوكل مهمة قيادة هذه المجموعات لـ "مصطفى شمراق" الذي أصبح وزيرا للدفاع في إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية فيها ضد الشاه بهلوي الموالي لأمريكا، الذي طرح حينها فكرة إقامة « مجتمع حرب » من خلال بناء وتكوين بنية عسكرية، إقتصادية، إنمائية، بهدف بناء منظومة دفاع ذاتي تعوض الغياب الكامل للدولة المركزية في لبنان، وقد شاركت هذه المجموعات العسكرية في قتال القوات الإسرائيلية في ظل أحداث الإجتياح الإسرائيلي المندرج تحت اسم عملية الليطاني في مارس/ آذار 1978، في هذه المرحلة خرج الإمام الصدر إلى ليبيا التي اختفى فيها إثر عملية اختطاف غامضة ولازال يغطيها الغموض حتى الوقت الراهن، لكن أفكاره بقيت جاثمة في الأرض اللبنانية بفعل حملتها الذين كانوا يرون فيها الخلاص للبنان ولفلسطين، ليفتح بذلك مرحلة جديدة على طريق تشكل بنية جديدة أيضا.